لم يكن تاريخ المرأة في العالم حافلاً أبداً، كان قاسياً ووعراً، واجهت خلاله المرأة الكثير من الظلم والتمييز، وما وصلت إليه المرأة في الوقت الراهن من وضع جيّد لم تحصل عليه على طبق من ذهب، بل حصلت عليه بعد رحلة طويلة من النضال والكفاح الذي لم ولن يتوقّف. ورفضاً للظلم وطلباً للحقوق ظهرت الحركة النسوية في العالم، وكان ظهورها منعطفاً مهماً في التاريخ، يصب في صالح المرأة والمجتمع بأكمله بما فيه الرجل. وعندما نتحدث عن وضع المرأة في اليمن أيضاً فهو سيئ للغاية، فنشأة حركة نسوية في البلد ضرورة ملحّة جداً، وهي المنفذ الذي تحتاجه المرأة للخروج من بوتقة الظلم والعنصرية والتهميش الذي غرقت فيه عبر سنوات طويلة، للدرجة التي جعلت المرأة نفسها جاهلة بحقوقها. وللأسف تعيش حياة مزرية دون أن تعلم أن ما تعيش فيه ظلماً، لذلك أن تجد الحركة النسوية طريقها في المجتمع اليمني هي حاجة ملحة تفرضها الحالة التي تعاني منها النساء في كل مكان في البلد. إذاً، ما هي الحركة النسوية؟ وما هو تاريخها؟ وكيف شاركت في تحسين وضع المرأة؟ وما الذي قدمته الحركة النسوية في اليمن للمرأة والمجتمع بأكمله؟

تعريف النسوية

ليس من السهل وضع تعريف محدد للنسوية، فالنسوية تمثلها الكثير من الحركات القديمة والحديثة، وما كانت عليه النسوية عند منشأها يختلف تماماً عن شكلها الحالي، كما أنّ الحركات الحديثة أيضاً متنوّعة ولها أهداف وتوجهات مختلفة، فهناك النسوية الراديكالية، والنسوية الليبرالية، والنسوية السياسية، والنسوية الاشتراكية والماركسية، وكل واحدة تختلف عن الأخرى.. وبحسب تعريف النسوية على معجم “ويبستر”، فيعرفها بأنها: “النظرية التي تنادي بمساواة الجنسين سياسيّاً واقتصاديّاً واجتماعيّاً، وتسعى كحركة سياسية إلى دعم المرأة واهتماماتها، وإلى إزالة التمييز الجنسي الذي تعاني منه.”

وبحسب الموسوعة البريطانية فإنّ النسوية هي: “حركة منظمة لصالح حقوق المرأة ومصالحها، وتُعرف أيضاً كنظرية مساواة بين الجنسين على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي.” وصيغ مصطلح النسوية لأوّل مرة على يد الفيلسوف شارل فورييه في العام ١٨٣٧، واستخدم مصطلح النسوية للمرة الأولى باللغة الإنجليزية في القرن التاسع عشر مع انطلاق حركة تدعو للمساواة بين المرأة والرجل.

إذاً، المساواة بين الرجل والمرأة لا تعني المساواة بينهم بيولوجياً بالطبع وإنما تعني أن لا يمنح الاختلاف امتيازات غير مبررة بناء على النوع، كأن يتم مثلاً إعطاء الرجل راتب أكثر فقط لأنه رجل، فالنسوية تدعو إلى المساواة بين الرجل والمرأة في أجور العمل، وأمام القانون، وفرص الحصول على التعليم، والتحرر من القوالب النمطية الظالمة والتي في أحيان كثيرة لا تستند على العلم بل على تصورات غير دقيقة أو قد أثبت عدم مصداقيتها، مثل حرمان النساء من الحصول على مناصب سيادية في الشركات أو الدول وغيرها بحجة “العاطفة” وهو تصور أثبت فشله تاريخياً وحتى الوقت الحالي والأمثلة على ذلك كثيرة لا تبتدئ بالملكة أروى حاكمة اليمن، ولا تنتهي بأنجيلا ميركل مستشارة ألمانيا الاتحادية، وغيرهن من المخترعات والفنانات والأديبات والقائمة طويلة.

الحركة النسوية تحتوي الجميع لأنها حركة مرنة، توحّد الجميع وغير محصورة بالنساء، تطالب بحرية ما تريد النساء ولا تفرض عليها ولا على المجتمع نمط معيّن لا يتناسب معها ومع مجتمعها، ولو لم تكن كذلك لما جمعت مختلف التوجّهات والثقافات، وأطياف من نساء العالم على اختلاف خلفياتهن الاجتماعية والفكرية والفلسفية.

مرّت النسوية بثلاث موجات رئيسية: ركزت الموجة النسوية الأولى في خلال القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين على اكتساب الحقوق القانونية والسلطة السياسية وحقوق الاقتراع والتصويت. وحثّت الموجة النسوية الثانية في خلال ستينات وثمانينيات القرن الماضي المرأة على فهم جوانب حياتها الشخصية، وإنهاء التمييز في المجتمع، والمساواة في التعليم وفي مكان العمل. بينما ظهرت الموجة النسوية الثالثة في خلال تسعينات القرن الماضي كرد فعل على فشل الموجة الثانية، واستجابة للردود العنيفة ضد المبادرات التي بدأت آنذاك، وهدفها ربط حرية النساء بالتطور العلمي والثقافي وزيادة التجربة يعني زيادة مستوى الإنتاج وتصحيح الموروثات التاريخية المبنية على الأحكام المسبقة. وتأثير النسوية منذ نشأتها وحتى الآن على المجتمعات ومجال السياسة أدّى إلى إحداث الكثير من التغيرات والقرارات، وبرزت من خلالها الكثير من الكُتب والأعمال الأدبية، وأخذت الدراسات النسوية تنتشر في الجامعات والكليات بالأخص الغربية.

أسباب النشأة

لم تظهر الحركة النسوية لأسباب تَرَفيّة، بل نشأت لما حظيت به المرأة في المجتمع الغربي من مكانة متدنيّة جداً، حيث صنّفت على أنّها أداة بيد الأب قبل أن تتحول إلى أداة بيد الزوج. ومورست ضدها العديد من أشكال العنف، واقتصر دورها الأساسي على الإنجاب ورعاية الأطفال، وكانت أيضاً محرومة من حقها في الانتخاب والترشّح، وقد وصل تعذيب وإهانة المرأة لدرجة أنّهم كانوا يستخدمون معها (لجام التوبيخ أو Scold’s Bridle)، وهذه الأداة عبارة عن كمّامة أو قفص حديدي صمم ليطابق شكله شكل رأس الإنسان، ويحتوي لجام التوبيخ على قطعة مصنوعة من الحديد عند مستوى الفم تستقر على لسان (المذنبة) لتضغط عليها وتمنعها من الكلام، وما إن توضع أداة التعذيب هذه على رأس المرأة ويغلق القفل الموجود بالخلف حتى تبدأ معاناتها مع آلام بالرأس والفك وسيلان كثيف باللعاب، وتبقى على هذه الحالة لساعات أو بضعة أيام كعقاب لها، واستخدمت تلك الأداة لإهانة النساء اللاتي يتحدّثن بما لا يعجب الرجل أو المجتمع أو يزعجهم، فلا تستطيع المرأة الحديث وقطعة الحديد داخل فمها.[ ١]

بسبب كل أشكال الظلم والإهانة تمّ تشكيل الحركة النسوية، والتي أدّت إلى تحسين وضع المرأة في المجتمعات، ففي عام ١٩١٩ مثلاً وقفت آلاف النساء أمام البيت الأبيض وطالبن بالسماح لهنّ بحق التصويت، وفي الفترة الانتخابية التالية أصبح من المسموح لهنّ بذلك. [٢]

نماذج مما قدمته النسوية للمرأة

الحصول على حق التصويت

في عام ١٨٣٢ قدّمت ماري سميث التماساً إلى النائب في البرلمان البريطاني هنري هانت تطالب فيه بحق التصويت في الانتخابات، فضحك البرلمان على التماسها ذلك. لكن لم تتوقف النساء عند هذا الحد، بل استمرت في المطالبة بحق التصويت عبر المظاهرات مثل مظاهرة هايد بارك. في عام ١٩١٣ حاولت إيميلي دافيسون ربط شارة حق المرأة في التصويت بعنق حصان الملك في عرض مفتوح، مما أدى إلى وفاتها.

بعد كل التضحيات والمحاولات التي قدّمتها المرأة للحصول على حق التصويت تحقق لها ما أرادت في عام ١٩١٨ عندما منح جورج الخامس موافقته لقانون تمثيل الشعب الموافقة الملكية، وبذلك أُعطيت حوالي ٨.٤ مليون امرأة حق التصويت، ولكن كان ذلك فقط للنساء فوق سن الثلاثين، ولديهن مؤهلات خاصة. بعد عقد من الزمن تم إعطاء حق التصويت لجميع النساء اللاتي تزيد أعمارهنّ عن ٢١ مثل الرجال وبنفس شروطهم.

تعديل قانون الحقوق المتساوية

كانت المرأة محرومة من بعض الحقوق القانونية مثل حق شراء الممتلكات، وقد دافعت أليس بول عن تعديل الدستور الأمريكي وحق المرأة في الانتخاب مما أدى إلى تعديل لمبدأ تساوي الحقوق في عام ١٩٢٣، وفيه: “لا يجوز إنكار حقوق الإنسان بموجب القانون، أو اختزالها من قبل الدولة، أو أية ولاية، على أساس الجنس”.

المساواة في الأجور

عانت المرأة من ضعف الأجور والتمييز بينها وبين الرجل، مما دفعهنّ إلى تنظيم الاحتجاجات والإضرابات، ومن تلك الإضرابات إضراب العاملات في مصنع فورد بسبب حصولهن على أجور أقل من الرجال بنسبة ١٥٪، مما دفع البرلمان إلى إقرار قانون منصف للنساء في ساحات العمل.

الحصول على حق العمل في المحاماة والهندسة

كانت بعض مجالات العمل المقصورة على الرجل فقط ولا يسمح للمرأة بالانضمام إليها، مثل الطب والهندسة والمحاماة، لكن بعد ضغط من الناشطين في حقوق المرأة تم إلغاء التمييز على أساس الجنس في عام ١٩١٩، وهكذا مُنحت المرأة حق العمل بالمهن القانونية والمحاسبة لأوّل مرة في بريطانيا.

النسوية في اليمن

عندما بحثت عن نشأت الحركة النسوية في اليمن ومسيرتها لم أجد لها حضور قوي في الماضي، كانت هناك بعض الحركات التي تمّ تصنيفها بأنّها نسوية قامت في الجنوب والشمال، مثل: (جمعية المرأة العدنية) والتي ظهرت في فترة ما ما بين عامي ١٩٥٠ -١٩٥٢، و(جمعية المرأة العربية) في عدن أيضاً عام ١٩٥٦، و(جمعية المرأة في معهد التمريض في صنعاء) والتي دعت إلى التوعية بأهمية التعليم والخروج من بوتقة الفقر والتخلف، هذه الجمعيات اعتبرها المؤلف أنور قاسم الخضري جمعيات نسوية في كتابه (الحركة النسوية في اليمن). وفي الوقت الحالي توجد عدة مؤسسات نسوية في اليمن، ويعتبر مركز دراسات النوع الاجتماعي في جامعة صنعاء هو من أوائل المراكز الرائدة في المنطقة، وقد أسسته الدكتورة رؤوفة حسن لاستيعابها ضرورة معرفة أوضاع النساء في البلد وتعدد احتياجاتهن وبيئاتهن.

وجود النسوية في اليمن هو حضور لطيف محترم للمجتمع غير متصادم معه، فالحركة النسوية في اليمن تراعي وبشدة المجتمع وديانته وأعرافه وتقاليده، كما أنّ توجهها توجّه إنساني، فإن هدفها الأساسي هو الدفاع عن المرأة دون تهجم على حقوق الرجال الطبيعية.

وتعمل الحركة النسوية في اليمن على حمل قضايا المرأة اليمنية والعمل على إيصال صوتها وحقوقها وتحقيق العدالة والسلام في اليمن، وسبب تركيز الحركة النسوية في اليمن على إحلال السلام والأمن والإلحاح عليه إلحاحاً شديداً هو وعيها وإدراكها لأولوية ما تحتاجه البلاد في الوقت الراهن، فهي تكثّف جهودها على هذا الجانب لأنّه الأكثر أهمية والأكثر تأثيراً، على المرأة والمجتمع بأكمله.

وضع المرأة في اليمن

وضع المرأة في اليمن وضع كارثي، وضع سيئ جداً، ليس من جانب واحد بل من جميع نواحي الحياة: الاجتماعية، والسياسية، والاقتصادية، والتعليمية، الصحية، والأمنية.

من الناحية الاجتماعية – مثلاً – تعاني المرأة اليمنية كثيراً من المجتمع القبلي الذي تعيش فيه، فالمرأة في اليمن محرومة من الكثير من قراراتها الخاصة، يتم فصلها عن التعليم دون رضاها، وتزويجها دون قبولها، واتخاذ قرارات تخص أبناءها دون استشارتها، بل وأخذ أبناءها منها في حالة وقوع الطلاق دون حق، ويفرض عليها المجتمع قيوداً وحدوداً لا علاقة لها لا بالعقل ولا بالدين، مثل منعها من الخروج من المنزل لطلب العلم أو العمل دون مبرر، فقط لأنّ الزوج أو الأب أو الأخ لا يريدها أن تخرج. ومنذ صغرها يتم التمييز بينها وبين إخوتها، فالأسرة تهتم أكثر بالذكر وتُهمل الأنثى، ويحصل الذكر على الدعم المادي والمعنوي أكثر مما تحصل عليه أخته الأنثى، وقد صنّفت اليمن في ذيل القائمة لمؤشر الفجوة بين الجنسين. [٣]

كما أنّ المجتمع اليمني يسبب ضغطاً كبيراً على المرأة عندما يتوقّع منها أشياء محددة بغض النظر عن وضعها والفرص التي أمامها وما تراه هي في مصلحتها، كأن يطلب ممن تتأخر عن الزواج بالقبول بأي شخص يتقدم إليها، لذلك تلجأ الكثير من الفتيات لزواج غير مرضي، للتخلص من ذلك الضغط، وللخلاص من نظرة الشفقة التي تتلقى سهامها بطريقة مبالغ فيها، من مجتمع لا يرى قيمة للمرأة سوى في الزواج، وعندما تقبل بشخص غير كفؤ قد ينتهي بها الأمر إلى عيش حياة تعيسة طيلة عمرها، أو تأخذ منحنى آخر وهو الطلاق، لتواجه بعدها ضغط مجتمعي أكثر سوءاً لأنها تحمل اسم “مطلقة”.

من الناحية الصحية فإنّ نصف المرافق الصحيّة في اليمن لم تعد تعمل بسبب نقص الكوادر أو نقص الإمدادات أو عدم القدرة على تغطية التكاليف التشغيلية أو بسبب محدودية الوصول. وقد قلّت الرعاية الصحية للمرأة الحامل، لدرجة تعرضها لخطر الوفاة بسبب قلة الرعاية الصحية، وبحسب اليونسيف: تموت امرأة كل ساعتين في اليمن بسبب مضاعفات أثناء الحمل أو الولادة، وقد ارتفع معدّل وفيات الأمهات بشكل حاد منذ تصاعد النزاع من خمس وفيّات أمّهات يومياً عام ٢٠١٣ إلى ١٢ حالة وفاة في ٢٠١٨. [٥] كما تنتشر في اليمن الكثير من الأمراض التي تعرض حياة جميع أفراد المجتمع للخطر.

أمّا عن الجانب التعليمي، فإلى الآن لا زالت بعض الأسر تحرم بناتها من التعليم بذريعة أنها امرأة وأنّ مكان المرأة هو المنزل والمطبخ، وبحرمانها من حقها في التعليم تصبح المرأة غير قادرة على الاعتماد على نفسها إذا تطلب منها الأمر ذلك مثل انفصالها عن زوجها بالطلاق أو الترمّل. أو في حالة إذا أرادت مشاركته العبء الاقتصادي لرفع الحالة المادية للأسرة؛ فلا تستطيع العيش من دون رجل ينفق لأجلها، ولا تستطيع – في حالة وجوده – أن تساعده لضمان الحد المتوسط من الحياة. لذلك نجد الكثير من النساء في اليمن يواجهن صعوبة في العمل، وتنتشر ظاهرة بيع الممتلكات كالذهب والأراضي كنوع من الدعم إلّا أنه غير كافٍ؛ فهذا الدعم لا يساعد على خلق استدامة لأنه مبنٍ على الاقتصاد الريعي وبمجرد انتهاء ما تملكه المرأة ينتهي دورها المادي وقد انتشرت النكات حول ظاهرة “بيع ذهب الزوجة” وهي معروفة للجميع. وقد يخضعن النساء للعيش مع أزواج سيئين، يتعرضن على أيديهم لكافة أشكال الأذى الذي قد يصل إلى العنف المباشر، ولا يتركن تلك العلاقة مع توافر كافة أسباب الفراق لا لشيء سوى أنهنّ لا يملكن مكان يذهبن إليه، فليس لهن القدرة على العمل وكسب لقمة العيش، بسبب انعدام الشهادات والقدرات التي حرمن منها لعدم السماح لهنّ بالالتحاق بالمدارس أو الجامعات أو المعاهد، فتفضل العيش تحت رحمة زوج لا يملك قلبه الرحمة على العيش في الشارع، والوضع التعليمي في اليمن بشكل عام متدهوّر وصعب بسبب الحرب.

ومن الجانب السياسي، ففي الوقت الراهن تكاد تكون المرأة غائبة عن المشهد تماماً، بالرغم من توقيع اليمن على اتفاقية سيداو “اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة” إلا أنّ الواقع والتقارير تشير إلى أنّه لا يتم تطبيق ما في الاتفاقية، وتتعرض المرأة لكافة أشكال الظلم والتمييز، ويمكن التعرّف على حجم التناقض بين الخطابات الرسمية لكل الأطراف والممارسة على أرض الواقع دون اللجوء لأي نوع من التقارير، وأن أي اجتماع حكومي يكاد – في أفضل الأحوال – يستضيف امرأة أو اثنتين في أحسن الأحوال.

إذاً لا بد وأننا قد رأينا بشكل جيّد كيف أنّ وضع المرأة في اليمن سيئ! وكم هي الحاجة ملحّة للخروج من هذا الوضع، وذلك ما تهدف إليه الحركة النسوية، فوجود حركة تمثّل المرأة وتتبنى قضاياها وتدافع عنها، وتهتم بتوعيتها، وتعريفها بنفسها وحقوقها لهي الوسيلة المثلى لتغيير الوضع، وتخليصها من كل أشكال الظلم والتمييز التي تعاني منها، ونحتاج لتحسين وضع المرأة بأقرب وقت ممكن فقضية المرأة في اليمن قضية مأساوية جداً غير قابلة للتأجيل.

من أدوار الحركة النسوية اليمنية

تختلف المؤسسات النسوية في اليمن في الدور الذي تقوم به، لكنّها تصب جميعها في هدف واحد وهو تحسين وضع المرأة والتقدّم بها إلى الأمام، ودفع المجتمع الدولي والمحلي إلى الاعتراف بوجودها وإعطاءها حقوقها في مختلف الجوانب.

 فبعض المؤسسات النسويّة تركّز أكثر على المجال السياسي وتعمل على دعوة الحكومة لإشراك المرأة في الحكومة القادمة بما يترجم القرار (١٣٢٥ النساء الأمن والسلام) الداعي لتمكين المرأة، حيث تنص مخرجات الحوار الوطني المتفق عليها على إشراك النساء بنسبة لا تقل عن ٣٠٪ في السلطات الثلاث ومنها التنفيذية المتمثلة بالحكومة، فبحسب آخر وثيقة دولية ٢٠١٥ حول أهداف أجندة التنمية المستدامة ٢٠٣٠ فإن المناصفة في الحقائب الوزارية بين الجنسين يعني ترجمة الدولة لهذه الأهداف والذهاب نحو ٢٠٣٠ بقدر من الالتزام وحسن النوايا تجاه النساء والوطن.

كما تعقد أيضاً اللقاءات مع الشخصيات التي لها تأثير على الدولة، مثل اللقاء الذي أقامته بعض المؤسسات النسوية مع نائب المبعوث الأممي لليمن، وتقام تلك اللقاءات لمعرفة آراء منظمات المجتمع المدني والعديد من شرائح المجتمع والأحزاب السياسية وصنّاع القرار حول الإعلان المشترك لوقف الحرب في اليمن من خلال الضغط على أطراف الصراع. كما تلقي أيضاً اهتماماً وحرصاً على اتفاقية سيداو وهي اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.

وتقوم إحدى المؤسسات النسوية في اليمن بمساعدة النساء ممن تعرضن للعنف الأسري، وتولي اهتماماً لهنّ، خاصة أنّ عواقب العنف الأسري ليست بسيطة، فهي كثيراً ما تؤدي إلى عواقب صحية ونفسية، فتعمل المؤسسة على تقديم الدعم الصحي والنفسي والمادي لهنّ، ومساعدتهم على شق طريقهن للخروج من أوضاعهنّ السيئة، كما تناهض أيضاً العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي.

الجهل في اليمن متفشٍ بشكل كبير وهو أساس للكثير من المشكلات الأخرى، ومعظم – إن لم يكن كل المشكلات – التي تواجهها المرأة يعود لجهلها نفسها، وجهل المجتمع لقدراتها وحقوقها وحريتها. لذلك تصب المؤسسات النسوية جهودها في نشر الوعي في المجتمع بين الفئات الشابة، وتعمل على توعية وتثقيف المجتمع ببعض القضايا المهمة في مختلف الجوانب منها: الاقتصاد والسياسة.

إنّه لمن الغريب والمستنكر أنّه بعد كل الأرقام والإحصائيات التي تشير إلى الظلم والظروف غير المعقولة التي تعيشها المرأة اليمنية، وكل هذه الجهود واللقاءات والمحاولات التي تقوم بها الحركة النسوية في اليمن أن يتم رفض الحركة النسوية والاعتراض عليها، وكأنّها شر لابد من استئصاله أو ترف لا داعٍ له. بالرغم من أنّ الحركة النسوية حركة مرنّة جداً، ولو لم تكن كذلك لما اكتسحت العالم بمختلف أديانه وفلسفاته وتوجهاته، الحركة النسوية لا تنتمي إلى دين معيّن تدعو المرأة للانتماء إليه، ولا ترفض عادات وتقاليد معينة تدعو المرأة لرفضها، بل هي حركة للمرأة نفسها أياً كان توجهها وفكرها وفلسفتها، الحركة النسوية تُريد أن تُوصل للمرأة والمجتمع بأكمله أنّ المرأة إنسان عاقل كامل مساوٍ للرجل في الإنسانية والعقل والجزاء، الحركة النسوية تريد للمرأة أن لا تُظلم وأن لا تتعرض للتمييز، وأن لا تُحرم من الالتزام بدينها كما يروج البعض. وحاجتنا إلى الحركة النسوية في اليمن ملحّة جداً؛ لأنّ وضع المرأة من أسوأ الأوضاع عالمياً، وحضورها في ساحة القرارات شبه معدوم.

لذلك من يرفض الحركة النسوية في اليمن فهو يقف أمام تحسين وضع المرأة، لأنّ رفضها في اليمن يعني رفض الوسيلة التي ستؤدي إلى الغاية؛ فلا يمكن العمل على تحسين وضع نساء اليمن بغير وجودهن؛ فلا يحك جلدك مثل ظفرك. وعوضاً عن الانتقادات غير المبررة الأوجب علينا هو الوقوف مع هذه الحركة ودعمها لتحسين مطالبها وقدراتها، فوجود الحركة النسوية في اليمن يعني وجود صوت لعدد كبير من سكّان البلد، صوت يُعنى بحقوق سُكِت عنها طويلاً. يعني أنّ هناك فئة في المجتمع تعي حقوق المرأة وتعمل على تحسين وضعها وترفض كافة أشكال الظلم الواقع عليها، وتدعمها وتساندها في قضاياها. وجود الحركة النسوية في المجتمع اليمني فأل ومؤشر خير يجب أن نسعى جميعاً نساءً ورجالاً لدعمه والحفاظ عليه.

المراجع

 [1] https://www.alarabiya.net/ar/last-page/2019/08/19/-لجام-التوبيخ-عقاب-قديم-أجبر-المرأة-على-السكوت-

[2] https://markmanson.net/whats-the-problem-with-feminism

[3] https://reports.weforum.org/global-gender-gap-report-2020/the-global-gender-gap-index-2020/performance-by-region-and-country/

[4] https://www.unicef.org/mena/ar/يونيسفتموتامرأةوستةمنحديثيالولادةكلساعتينفياليمنبسببمضاعفاتأثناء/البياناتالصحفية

[6] الحركة النسوية في اليمن- أنور قاسم الخضيري

[7] https://www.ida2at.com/rights-feminism-gave-us/