The Priority of Humanitarian Aid Development over Emergency Aid – Hajar Al-Serbi
خُلقت الشعوب من أجل بعضها، فلا بد للشعوب الثرية أن تدعم الشعوب النامية (الفقيرة)، والمساعدات الإنسانية التنموية هي التي ستساهم في رفع مستوى معيشة الشعوب النامية، لأنها طويلة المدى، والمستفيدون منها أكثر. وتعتبر المشاريع التنموية كبناء مدارس أو مستشفيات…إلخ قوةً تنموية للبلد النامي، وهذه المساعدات تساعد على رفع مستوى التعليم في المدارس، وأيضاً رفع مستوى الصحة في المستشفيات، وتشكل دعماً للبنى التحتية بشكل عام.
المساعدات الإنسانية ومدى تأثيرها في الدول النامية
ندرك أن الدول الثرية -المتقدمة اقتصادياً- تعمل على مساعدة الدول النامية التي تعاني من تدهور اقتصادها. وقد تكون المساعدات إغاثية وهي قصيرة المدى، أو تنموية وهي طويلة المدى، وقد تأتي المساعدات بشكل رسمي من دولة لدولة أخرى بينهما اتفاق ثنائي، أو في حالات الطوارئ (كالحروب والكوارث وغيرها)، وقد تعقد مؤتمرات مانحة لتقديم المساعدات، كما تقدمها عدد من الوكالات والبرامج والمنظمات التي تمنح مساعدات إنسانية تنموية أو إغاثية.
ويجدر بالذكر أن المساعدات التنموية هي مساعدات طويلة المدى، وتدعم أكثر المنظمات والوكالات التابعة للأمم المتحدة الجانب التنموي (ببرنامج صندوق الأمم المتحدة، وUNEP وUNDP واليونسكو واليونيدو، والوكالة الدولية للطاقة الذرية، والفاو، والمنظمة الدولية للطيران المدني، وأوكسفام وFORD FOUNDATION)، فقد اتجهت أغلب المنظمات للمساعدات التنموية والتي بدورها تعمل على تحسين أوضاع البلاد النامية.
وتتخذ الجهات التي تقدم المساعدات أساليب مختلفة؛ فإما أن تقدمها بأسلوب الاتفاق الثنائي مع البلد النامي، كما حدث عند قيام جمهورية ألمانيا الاتحادية بتمويل بناء محطة صافر الكهربائية في اليمن التي جرى تشغيلها في العام 2008. أو على هيئة برامج تعدها وتقدمها تكتلات اقتصادية إقليمية، كالمنح التمويلية التي يقدمها الاتحاد الأوربي ومجلس التعاون الخليجي ومؤتمر المانحين، أو كمشاريع تقوم بها الهيئات والمنظمات دولية ذات التمويل القائم على تبرعات عالمية.
في الدورة الاستثنائية السابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة اتخذت قراراً تضمّن توصية تقضي بمطالبة الدول المتطورة بالعمل الجدي على مساعدة البلدان النامية في تطور البنية العلمية والتقنية، وفي دعم برامجها العلمية والفنية والتقنية، وفي الحصول على المعلومات الضرورية لرفع مستواها العلمي والتقني.
تختلف المساعدات التنموية في مجالات عدة وهي كالآتي:
- تمويل مشاريع البنى التحتية، كبناء المدراس، والمستشفيات والطرقات، ومحطات توليد الطاقة الكهربائية، وبناء السدود وحفر الآبار الارتوازية.
- تمويل المشاريع المختصة بالإصلاح الزراعي والإداري، ومكافحة الفساد المالي في مؤسسات الدولة، وتطوير الأداء الحكومي ودعم جودة التعليم. بالإضافة إلى مشاريع محاربة الجهل وتفشي الأمية والجهل وتطوير جودة التعليم.
- تمويل مشاريع الديمقراطية وحقوق الإنسان، وعلى وجه الخصوص المشاريع التي تهتم بدعم قضايا المرأة والطفل وذوي الاحتياجات الخاصة.
- توفير الخبرات الفنية، بإرسال خبراء لمساعدة البلدان المتخلفة والنامية في تطوير مشروعاتها وخططها التنموية.
- تقديم التجهيزات والمعدات التقنية، لاسيما في مجالات الصحة والتعليم والزراعة والكهرباء.
- وضع برامج وبحوث فنية والتعاون مع خبراء البلد النامي من أجل وضع خطط وتنفيذ أهداف محددة.
- تدريب وتأهيل «الكوادر» الفنية في البلدان النامية.
اليمن والمساعدات الإنسانية:
لليمن سجل طويل مع المساعدات الإنسانية، ولعل بدايتها كانت في خمسينيات القرن الماضي عبر مساعدات تنموية قدمتها جمهورية الصين الشعبية التي ما زالت حتى اليوم من أكثر دول العالم تقديماً للمساعدات التنموية في اليمن، وخلال النصف الثاني من القرن العشرين تلقى شمال اليمن العديد من المساعدات التنموية من جمهورية الصين الشعبية والاتحاد السوفيتي ودولة الإمارات والكويت، كالطرق والمستشفيات والمطارات والجسور والسدود والمدراس، لتنضمّ إليها دول أخرى في بداية القرن الواحد والعشرين كالولايات المتحدة الأمريكية وجمهورية ألمانيا الاتحادية وهولندا والمملكة العربية السعودية، إلا أن حضور المنظمات الدولية والهيئات الأممية في هذه التنمية كان ضعيفاً.
ومع بداية ما يسمى بالربيع العربي، ودخول اليمن في سنوات من الحروب والاقتتال، استدعى ذلك حضوراً غير مسبوق للمنظمات الدولية والهيئات الأممية في الساحة اليمنية، حتى أصبحت هذه الجهات هي المحرك الأساسي للمساعدات الإنسانية في اليمن، التي أصبحت في مجملها مساعدات إغاثية طارئة في الغذاء والعلاج واللقاحات، رغم حضور بعض المنظمات والهيئات التي تقدم مساعدات تنموية كمنظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، التي قامت مؤخراً بالعمل في بناء السدود ومضخات المياه للمزارعين، بالإضافة إلى المنظمات الحقوقية والتوعوية، لا سيما في مجال المرأة والطفل والسلام.
لهذا نؤكد أن المساعدات التنموية هي التي تساهم في دعم البنى التحتية للبلد الذي تقدم له المساعدات. فلو اقتصر الدعم على المساعدات الإغاثية التي تقدم في حالات الحروب أو الكوارث أو الأمور الطارئة في البلد النامي سيبقى بلداً نامياً ولن يتطور ويتقدم ليصل إلى مستوى الدول التي تقدم المساعدات. فالمساعدات التنموية ترفع اقتصاد الدول النامية، وتعتبر وسيلة في تقدم هذه الدول.
تجارب تنموية
استفادت الدول المتقدمة حول العالم من تجاربِ بعضها، ومنحت نفسها الإعداد والبناء التنموي طويل الأمد حتى تنهض وتتقدم لتصبح من دول العالم الأول، حيث ساهم هذا المشروع البنائي الطويل في تطوير هذه البلدان بعد أن كانت تصنف بالعالم الثالث، فتحوّلت تحوّلا جذرياً لتبقى في مقدمة الدول الأولى.
كان المشروع يهدف لإعادة إعمار بلدانهم بطريقةٍ حديثة، حيث تتواكب الرؤية النهضوية مع التغيرات التي تطرأ مع العوالم المتقدمة. فنجد سنغافورة نموذجاً حياً، حيث كانت قبيل الخمسين عاماً الماضية في الحضيض، وكانت دولة فقيرة ترجو المساعدات الطارئة فقط. وهذا ما أدى إلى تفاقم مشاكلها وبنيتها التحتية، فكان اقتصادها متدنياً، لا يتواكب مع نهضة الدول الأعلى منها شأنا.
بعد ذلك تلاشت أخطاء الماضي بالنسبة للسنغافورة حين تخلّت عن فكرة طلب المساعدات الطارئة لتحذو حذو (يابان ما بعد القنبلة النووية). فوضعت مشروع البناء التنموي طويل الأمد على حساب القصير الأمد الطارئ، وبدأ اقتصادها يتطور تدريجياً، وطورت من قدراتها وإمكانياتها المحدودة، وصارت خلال ثلاثين سنة من أجمل بلاد العالم، وساعدها البناء الطويل في تطوير قدراتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
لا يجدر أن تكون المساعدات الإنسانية من أجل قطاع الطوارئ فحسب، لأنها تعتبر فترة طارئة وجيزة ستنتهى، وسيعود مواطنو هذه الدول إلى البحث عن مشاريع تشغل حياتهم ويستفيدون منها. لهذا يجب أن تعطى المساعدات التنموية الأولوية على المساعدات الطارئة. حيث أن المساعدات التنموية هي التي تساهم في رفع البنية التحتية للبلد، وتعزز من نهضته، وإذا لم تستطع الدولة الاعتماد على نفسها بالبناء الطويل فستلجأ حتماً إلى المساعدات الطارئة التي ستكون مساعدات فورية فقط ليس لها أهداف مستقبلية. إن أفضل حلٍ لنهضة اليمن هو التوجه الفوري للتطوير التنموي طويل المدى على حساب المساعدات الطارئة، “لا تعطني سمكة بل علمني كيف أصطاد”.
Leave a Reply
Want to join the discussion?Feel free to contribute!