The beautiful past between reality and fiction – Nabil Al Oudi

الحنين إلى الماضي ظاهرة إنسانية متأصلة في سلوك الإنسان، إذ لايوجد إنسان واحد أو مجتمع لاينتابه الحنين إلى الماضي في لحظات كثيرة من حياته، مع وجود فوارق في درجة هذا الحنين وأسبابه وفي الفترة الزمنية، فهناك لحظات تمر بالإنسان يشعر فيها بالحنين إلى الماضي، وهناك أناس ومجتمعات تعيش حالة مستمرة ومتطرفة من الحنين إلى الماضي إلى درجة كبيرة وذلك على حساب العيش في حياة الحاضر والمستقبل. الحنين إلى الماضي ظاهرة إنسانية متأصلة في سلوك الإنسان، إذ لايوجد إنسان واحد أو مجتمع لاينتابه الحنين إلى الماضي في لحظات كثيرة من حياته، مع وجود فوارق في درجة هذا الحنين وأسبابه وفي الفترة الزمنية، فهناك لحظات تمر بالإنسان يشعر فيها بالحنين إلى الماضي، وهناك أناس ومجتمعات تعيش حالة مستمرة ومتطرفة من الحنين إلى الماضي إلى درجة كبيرة وذلك على حساب العيش في حياة الحاضر والمستقبل. ويعود هذا الحنين إلى أسباب نفسية واجتماعية كما يرى الباحثون وعلماء السلوكيات.

– هل الماضي جميل فعلا كما يقال في البداية؟ لابد من الإشارة إلى أن تقسيم الزمن إلى ماضي وحاضر ومستقبل هو أمر نسبي جدا، ذلك أن الزمن الماضي هو استمرارية للحاضر والمستقبل وتسمى الديمومة، وهذا التقسيم وجداني عاطفي فقط لاغير، ومع ذلك نستطيع أن نميز بين مراحل زمنية مختلفة من خلال بعض التغيرات التي تحمل طابعاً نفسياً اجتماعياً سياسياً ثقافياً واقتصادياً، وإذا نظرنا إلى الماضي لن نجد الكثير من التغيرات في وضعنا في اليمن على كافة الأصعدة.إذا عدنا إلى المرحلة الماضية نستطيع ملاحظة بعض الإيجابيات ، نذكر منها أن المجتمع الفلاحي بطبيعته كان يتمتع بعلاقات يسودها التعاون إلى حد كبير، والتكافل الاجتماعي كضرورة، واحترام القيم المشتركة كشرط من أجل التغلب على ظروف الطبيعة الصعبة والقاسية، وأهم من ذلك كله أنه كان مجتمعاً منتجاً لحاجاته الأساسية مثل الغذاء، وكان أكثر اعتمادا على الذات، هذا النمط من الوجود الذي عزز انتماء الفرد للمكان أولاً ومنحه الشعور بالانتماء ومشاعر الاعتبار والإحساس بالقيمة والاعتزاز والثقة بالنفس، الأمر الذي يعتبر من أهم مكونات الشخصية.

كل هذا أشعر الإنسان أكثر بالأمان النفسي والطمأنينة ، كما أن العمل في الطبيعة ( الزراعة) من خلال الجهد العضلي كان مصدراً آخر من مصادر الصحة الجسدية والنفسية. كما أن محدودية التفكير التي تتركز حول قضايا محددة سلفاً -الزراعة تحديدا- تجعل الفرد أكثر استقراراً من الناحية النفسية، وأكثر شعوراً بالسعادة لأنه أكثر استمتاعا بصناعة الحياة والمصير، أي أنه يخبر كل تجارب الحياة بنفسه، فمتعة السفر مثلا والتنقل بين القرى والمدن كانت تستغرق أسابيع وأشهر بكاملها مما يتيح للفرد الاستمتاع بمناظر الطبيعة وجمالها، كان الإنسان يزرع يحصد ويطبخ طعامه بيده مما يكسب الإنسان تجربة فريدة وخبرة غاية في الروعة والجمال.

في وقتنا الراهن نستهلك كل شيء من الخارج ولم نعد ننتج شيئاً، بل تجاوزنا الاستهلاك وهدر الوقت والمال والصحة إلى التدمير الذاتي ، إننا نعاني من نزيف يومي للثروة البشرية وكل الثروات الطبيعية التي تسخر كلها من أجل الحروب والدمار لاغير بدلاً من تسخيرها للبناء للتنمية والتطور وخدمة الإنسان. ويعود ذلك كله في تقديري إلى تهميش دور الشباب الذي لم يحصل على الفرصة الكافية من حيث الرعاية التعليم التربية والتوجية الصحيح.لم يستطع الجيل الجديد أن يقدم نفسه كجيل مختلف عن الأجيال السابقة ومتجاوزاً لها والعكس هو الصحيح حيث أثبتت الأحداث الأخيرة أن جيل اليوم لازال يعاني من التهميش والتبعية للمرجعيات العصبية التقليدية القبلية الطائفية والأيدلوجية والمناطقية.وذلك كله يعود إلى أنماط التربية والتعليم وأساليب التنشئة التي تعتمد أساليب قديمة أساسها الولاء والتبعية للعصبية ثقافة الطاعة على حساب استقلال الفرد وحريته في التفكير وصناعة المصير أن الخروج من هذا المأزق الخطير يتطلب تنمية مستدامة للأطفال والشباب والنشء، وذلك من خلال تنمية الكفاءة الكلية لشباب الجسدية والنفسية المعرفية الأخلاقية والمهنية والجمالية والاجتماعية، تنمية جيل يتمتع بالقدرة الفعَالة أي هوية نجاح أما اليوم فيتم تنمية هوية الفشل حيث يعاني أغلب الأطفال وهم شباب ورجال الغد من سوء التغذية والتقزم والحرمان من التعليم والأمراض والعنف النفسي والجسدي والمعنوي والحرمان من أبسط مقومات الحياة الإنسانية في حدها الأدنى والتشرد والفقر وأمراض الخوف والعنف والأحقاد والكراهية والخوف، وكلها تعيق نمو الفرد النفسي الاجتماعي والجسدي وتنمية هوية فشل تعيد إنتاج العنف والدمار باستمرار.وعلى الرغم أن الإتصالات الحديثة قد قدمت فرص غير محدودة للإطلاع على كنوز المعرفة بكل أشكالها إلا أن هناك خطورة كبيرة ترافق هذا التقدم التقني الذي أصبح مجالاً للدعاية الإستهلاكية وثقافة التسلية التي تسطح الوعي وتوجَه كل نشاطات الشباب نحو الاستهلاك لكل أنواع الأفكار المضللة والسلع التجارية والرديئة.

إن تنمية الإنسان -أي التنمية المستدامة- هي الحل لكل مشاكلنا ما لم فإن الحروب والصراعات المستدامة ستكون هي البديل بدون شك، فشباب اليوم يواجهون تحدياً حقيقياً فإما أن يكون عامل تنمية واستقرار من خلال العلم العمل والإنتاج وإما أن يكون وقوداً للحروب والصراعات.

0 replies

Leave a Reply

Want to join the discussion?
Feel free to contribute!

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *