Publishing photos of beneficiaries of aid .. A humanitarian necessity – Haitham Dahan

من القضايا المتداولة بين الشباب والناشطين المجتمعيين  في الآونة الأخيرة، قضية  نشر صور المستفيدين من الأعمال الخيرية والمشاريع والمنح التي تقدمها المنظمات والمؤسسات الدولية والمحلية، فقد وُجهت انتقادات كثيرة -بل هجوم شرس- لكل تلك الجهات  والمبادرات التي تقوم بالتوثيق والنشر في مواقعها! بغرض قد يكون اضطراريًا او اختياريًا من أجل  تحفيز الآخرين  على المشاركة والعمل على توفير مايستطيعون  لخدمة الآخرين ومساعدة المحتاجين.

فالبعض يتهمُها بالتزوير، والبعض يتهمُها بالاستغلال ، والبعض الآخر يهرف بما لا يعرف، فيتحدث عن فشل ذريع في توزيع المساعدات، ورداءة تلك المساعدات، وأحيانا قد تجد من ينتقد ما يرتديه المنفذون من سترات وقبعات! وهلم جرّا من التنظير والاتهامات .

فأقف متسائلاً .. هل يعلم أولئك المنتقدون حجم المعاناة والعمل الدؤوب والمتواصل الذي تبذله تلك المنظمات والمبادرات من أجل الحصول على التمويل والمعونات؟ وكمية التعب الذي يبذله المتطوعون في المسح والتأكد من الحالات وتوزيع تلك المساعدات؟ ومن بين كل تلك الأسئلة يظهر لي سؤال هو: هل نحن أمام انتقادات بناءة  تحاول المساعدة والأخذ بأيدينا لتحسين العمل المجتمعي والارتقاء به؟ أم هي أيادٍ تحاول إيقاف عجلة التكافل والتعاون؟

       حقيقةً يقف المرء محتارًا أمام هذا السؤال. لكن ، ومع كل ماسبق  سأحاول إيضاح اللبس وبيان الدواعي والضرورات الملحة التي تجعلنا نقوم بنشر وتوثيق  صور المستفيدين من هذه المساعدات:

       بدايةً كان يجب أن أذكر الناس وأؤكد للغافل  وأوضح للجاهل أن الفقر أو النزوح ليس عيباً على الإطلاق، وليس عاراً يلاحق صاحبه مدى الحياة، بل هو حالة طارئة تنشأ نتيجة ظروف تمر بها بلادنا أو أي  بلاد أخرى، وقد تصيب أيًا منا.

والفقير لم يختر فقره، أو يتخذه  حرفة أو مهنة، ولم يكن النازح طرفاً في صراع أو مسبباً له، بل كان ضحية ليس له إلا المعاناة ، فأعتقد جازمًا أنه يجب علينا قبل أن نتّهم أو ننتقد أن نتحرى ونقترب من الواقع أكثر، لنكون منصفين في كلمتنا وحقانيين في اعتراضنا.

فمن الواقع وفي الضفة الأخرى من النهر وبعيدًا عن المشاعر العاطفية التي قد تحول بيننا وبين معرفة الحقائق والوقائع والحاجات والضرورات، ومن خلال الواقع العملي، أجد أهمية بالغة وفوائد كثيرة  في توثيق ونشر صور المستفيدين،  سأحاول اقتضابها وإعطاء بعض الأمثلة دون طولٍ ممل أو إيجاز  مخل:

أولاً / موضوع الطفلة بثينة، الناجية الوحيدة من بين أفراد أسرتها إثر قصف طائرات التحالف على منزلهم في جبل عطان ، هذه الطفلة التي أثارت قضيتها  الإعلام العالمي مما أدى إلى استنكار وتعاطف الرأي الدولي مع القضية اليمنية، وكل ذلك بفضل التوثيق والنشر.

 ثانياً / موضوع نشر صور خزانات الماء في بعض الحارات، أوصل القضية إلى الكثير من المنظمات وفاعلي الخير، وعرفوا باحتياج المواطنين لخزانات المياه (سبيل) بسبب ارتفاع أسعار المياه، وعدم توفر أموال لدى الناس بسبب انقطاع الرواتب، وبدلاً  من أن يتكبد المحتاجون عناء نقل  الماء من حارات بعيدة ، أصبح في متناول أيديهم (في كل حارة سبيل)، وكل هذا بفضل النشر وإيصال معاناة الناس.

ثالثاً / نشر الصورة في الغالب يكون لضرورة التوعية المجتمعية، وتقوية روابط الإخاء والإنسانية، ليساعد الغني الفقير ويعطف كلٌ منا على الآخر من أجل استمرارية الحياة.

رابعاً /  قد يكون التوثيق والنشر بسبب  اشتراط المانحين، من أجل الشفافية والمصداقية  والحد من الفساد في توزيع المساعدات الإنسانية ، وأيضا  وكما أوضح فؤاد الجعدي (المسؤول الإعلامي لمنظمة العون المباشر في صنعاء) بأنه يراعى أثناء التصوير عدم أخذ الصور المباشرة، بل تتم بشكل جماعي أو لقطة خلفية أو من زاوية جانبية، بحيث لا تكون مباشرة ، وأيضاً مراعاة تصوير الأطفال بجوار آبائهم للاستئناس .

والملاحظ هنا أن الصور لم تكن -ولن تكون- سرًا من غير أن يشعر المستهدف، حتى نقول  عنها انتهاك لحقوق المستهدفين! بل كانت برضاهم واختيارهم وأحياناً برغبتهم، وإذا لم يوافقوا لا تنشر بل يتم الاحتفاظ بها.

     وأعتقد هنا أن القول بضرورة تشريع قوانين بهذا الشأن ليست ذات أولوية لتجعلنا نتغافل عن سن قوانين تمنع مشاركة الأطفال في العمليات القتالية فهذا الباب أولى بالنقاش القانوني المستفيض ، لأن العمل المجتمعي الخيري يخضع أولاً وأخيراً لضمير وإنسانية المنفذين .

     أيضاً يساهم نشر صور المحتاجين في توزيع المنح الخيرية بشكل عادل، و لكي لا تستأثر جهة بهذه المنح  دون غيرها ، باعتبارها الوحيدة التي لديها مصداقية ، حيث تتمثل هذه المصداقية بالتوزيع العلني الشفاف.

وأخيراً وبعد كل الأدلة أرى أنه قد اتضح المراد وزال الشك، لنرى شمس الحقيقة ونور المصداقية، بريق أمل يدفعنا بكل حماس  لنرتقي بالعمل المجتمعي السامي، الذي يمثل لنا إيماناً بحقيقة عظيمة ورسالة سامية هي الحياة، الحياة لكل الإنسانية، وتجاوز كل الاعتبارات الخلافية والاختلافية ، من خلال  التعاون والتكافل من أجل أن تستمر الحياة.

0 replies

Leave a Reply

Want to join the discussion?
Feel free to contribute!

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *