Need is Mother of Invention – Bdoor Al- Brihi

تتقدم البلدان وتتنامى اقتصاداتها بحفظ حقوق شعوبها، ولا شيء أثمن طوال مراحل التاريخ من فكرة قد تغير وجه العالم!

بحسب المنظمة العالمية فإن الملكية الفكرية: هي كل ما يتصل بإبداعات العقل من اختراعات، مصنّفات أدبية وفنية، تصاميم، شعارات، وأسماء وصور مستخدمة في التجارة. والملكية الفكرية محميةٌ قانونًا بحقوق كالبراءات. والهدف من كل ذلك هو خلق التوازن بين مصالح المبتكرين ومصالح الجمهور والعالم، وإتاحة بيئة تساعد على ازدهار الإبداع والابتكار. والذي بوجوده نضمن استمرار الحياة بأفضل صورها.

الشمّاعة التي ما سئم مناهضو حقوق الملكية الفكرية في اليمن من ترديدها بأننا دولة نامية وذات اقتصاد منخفض، ويتخذون هذا مبررًا لقرصنة واستهلاك كل ما تطاله أيديهم!

وفي الحقيقة فإن موقفهم هذا ليس بغريب من شعب كبر وترعرع على شيئين فحسب “البحث عن لقمة العيش وإنجاب الأولاد” وهم معذورون في ذلك، ولكن نقول بأننا يجب أن ننهي هذه الحِقبة القاتمة!

والمُعيب حقًا هو أننا ندرك أننا شعبٌ ضعيف، ونعتمد على المساعدات الدولية خصوصًا في فترة الحرب، ورغم هذا يطالب البعض بأن تكون القرصنة على حقوق الآخرين شيئًا مباحًا، وهذا يعني أخذ ما ليس لك وعدم مراعاة أن ذلك قد لا يضمن استمرار حرية الابتكار والإبداع من قبل أصحاب الأفكار الذي يساهمون في جعل العالم بيئة أفضل.

لماذا نحن مع حقوق الملكية الفكرية في اليمن؟

لأننا في بلادٍ مُغرقة في الفساد. ولعودة الأمور إلى مكانها الطبيعي لا بد من إرجاع الحقوق إلى أهلها.

بدأ الحديث عن حقوق الملكية الفكرية في اليمن من قبل ثورة 26 سبتمبر وتحديدًا في عام 1940، وهذه فترة ليست بالهينة في الظروف التي كانت تعيشها بلادنا آنذاك، ولكن البدايات القديمة لم تشفع لنا في أن نكون الآن وبعد كل هذه السنين أقرب إلى الحقيقة.

في عام 2006 وقعت اليمن على اتفاقية حماية حقوق الملكية الصناعية، ولكنه كان اتفاقًا ناقص الأركان.

تحتوي وثيقة انضمام اليمن إلى اتفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية على إعلان ينص على أنه بموجب المادة 28 (2) فإن الجمهورية اليمنية لا تعتبر نفسها ملزمة بأحكام الفقرة (1) من المادة 28 من الاتفاقية المذكورة. وبهذا تجنبت اليمن هذه الفقرة من الاتفاق، والذي يتيح تحويل أي خلاف أو نزاع بين دولتين حول حقوق الملكية الصناعية إلى التحكيم الدولي وإلى محكمة العدل الدولية، وهذا يتيح للسوق اليمني المزيد من الفرص لدخول المنتجات المسروقة والمقلدة.

الدولة إذن تتهرب من الالتزام بالاتفاقية بدعوى أن الشعب فقير، ولسنا نعلم إلى متى سنظل عالة على شعوب المنطقة. وليس هناك من داعٍ لتكرار الأسطوانة المشروخة فكلنا نعي “تاريخنا العظيم وأمجادنا الغابرة”، لكن الأمر يبدو كما لو أننا نستعطف الشعوب المبتكرة ليسمحوا لنا بقرصنة وسرقة إبداعاتهم. ألا يبدو الأمر كذلك؟!

في شهر أبريل/ نيسان من العام 2008 وقعت اليمن في برن الاتفاقية الدولية لحماية المصنفات الأدبية والفنية، وتعهدت اليمن من خلال توقيعها على هذه الاتفاقية على الالتزام بثلاثة مبادئ رئيسية وهي:

  1. مبدأ المعاملة الوطنية : ويعني هذا المبدأ أن تتمتع المصنفات التي تم إعدادها في دولة من دول الاتحاد بالحماية في بقية دول الاتحاد، وبنفس مستوى الحماية الممنوح من تلك الدول لمصنفات مواطنيها.
  2. مبدأ الحماية التلقائية: ويعني أن المصنفات تحمى بشكل تلقائي وبمجرد تأليفها، ولا تتوقف على أي تسجيل أو إيداع أو أي إجراء شكلي آخر.
  3. مبدأ استقلالية الحماية : ويعني أن التمتع بالحقوق الممنوحة للمصنف أو ممارستها لا يجوز أن يتوقف على وجود الحماية في بلد المنشأ.

وهذه المبادئ هي من أجل حماية الملكية الفكرية للمؤلفين والمبتكرين، والتي تحفزهم على المزيد من الإنتاج، وتهيئ المجال لظهور ابتكارات جديدة في كافة مجالات الحياة، مما يؤدى إلى تقدم البشرية ونهضتها.  ويسهم في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

تسمح قوانين حماية الملكية للمبدع ومالك العلامة التجارية وبراءة الاختراع وحق المؤلف بالاستفادة من عمله وتعبه واستثماره، وهذا لا يعني أنه احتكر الفكر على الآخرين بل العكس، حيث ترد هذه الحقوق في المواد القانونية من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي ينص على حق الاستفادة من حماية المصالح المعنوية والمادية الناجمة عن نسبة النتاج العملي أو الأدبي أو الفني إلى مؤلفه.

تعترف المادة (6) من قانون الملكية الفكرية اليمني على حق المؤلف اليمني أو غير اليمني على العمل الإبداعي المنشور في اليمن أو خارجها، إذا كان قانون بلد الغير يعامل اليمنيين بالمثل أو بناء على الاتفاقيات الدولية التي تكون الجمهورية طرفا فيها، لذا فإن هذا الحق يشمل جميع المؤلفات الأجنبية التي تتم قرصنتها وبيعها في اليمن بأسعار زهيدة، كالأفلام السينمائية والأغاني والكتب والمناهج الدراسية، بالإضافة إلى الابتكارات التقنية والتكنولوجيا كأنظمة تشغيل الكمبيوتر والهواتف المحمولة والتطبيقات وبرامج الفوتوشوب والصور وبرامج الصوت والصورة، وهذا يعني أن الممارسات التي تحصل في البلد حاليًا هي ضد القانون!

ما أود قوله في الأخير أن اعتماد المجتمع على وجه العموم، وفئة الشباب خاصةً، على الحصول على الخدمات والسلع دون دفع قيمتها الحقيقية سيعمل على تنامي الكسل والتقاعس في الابتكار وإيجاد الحلول التقنية، ومن ناحية أخرى قد تؤدي صعوبة الحصول على المنتجات لا سيما التقنية والتكنولوجية على تحفيز المبتكرين والمنتجين المحليين على ابتكار اختراعات ومنتجات وطنية تغطي العجز وتلبي احتياج المواطن اليمني ذي الدخل الضعيف. على المجتمع أن يستشعر حجم الكارثة المتمثلة في تخلفه واعتماده على الغير حتى في أبسط المنتجات التقنية والتكنولوجية.

“الحاجة أم الاختراع” أما سئمنا من ترديد هذه العبارة، وألم يحن موعد البدء في تغيير حقيقي؟!

0 replies

Leave a Reply

Want to join the discussion?
Feel free to contribute!

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *