Why foreign experiences? – Ali Nadim
في نوفمبر عام 1958 بعثت وزارة المواصلات الصينية 519 شخصاً على التوالي إلى اليمن لمسح واختيار وتصميم الخط الأمثل لطريق صنعاء-الحديدة الممتد لحوالي 231 كيلو متر، وأنجز المشروع الضخم في يناير 1962.
وبعد 52 سنة لإنتهاء هذا المشروع بدأ العمل على أحد المشاريع في العاصمة صنعاء بواسطة إحدى شركات المقاولات اليمنية. المشروع هو نفق لأحد أهم التقاطعات في العاصمة؛ نفق مذبح، وبعد 4 سنوات يظل المشروع متوقفاً حيث يتم إهدار الملايين من الريالات والكثير من الطاقات في حل المشاكل المترتبة على تأخر المشروع، بل يهدد حياة الكثيرين. بينما في ذات الوقت يستمر استخدام طريق الحديدة-صنعاء آنِف الذِّكْر الى اليوم.
هذه المصادفة الغريبة جعلتي أفكر جدياً في سبب الاستعانة بأفضل الخبرات اليمنية، بينما بإمكاننا الاستعانة بأفضل الخبرات العالمية؟! حيث أن العالم كبير لكنه يبدو مثل القرية الصغيرة.
هل الخبرات الأجنبية أفضل من المحلية؟
للإجابة عن هذا السؤال يجب أولا أن نؤكد أن العامل الأجنبي ليس أفضل كفاءة لأنه فقط أجنبي، لكنه يمتلك الخبرة التي يفتقر إليها الكثير محليا، لكن لنتسائل ما الذي جعل الأجنبي أفضل كفاءة؟
أولاً: يتوفر للأجنبي التعليم الأفضل، وكذلك مرافق اكتساب المهارت من معاهد ومراكز تدريب، وكذلك بنية تحتية تسهل له الحصول على الخبرة بعكس العامل اليمني، حيث تصنف اليمن من أقل الدول من حيث مؤشر جودة التعليم الصادر عن منتدى الاقتصاد العالمي لعام 2017، حيث حلت اليمن في المرتبة 137 من أصل 137 دولة داخلة في التصنيف (1). وكذلك تعتبر اليمن من أدنى الدول في مؤشر رأس المال البشري لعام 2017، وصنف المؤشر الدول وفقاً لأربعة معايير رئيسية لتنمية رأس المال البشري، تتمثل في معيار القدرة الذي يقيس الرصيد المعرفي الحالي، ومعيار انتشار المعرفة ويخص تطبيق المهارات وتراكمها عبر العمل، ومعيار التنمية ويقصد به تنمية المهارات الحالية للقوة العاملة، ومعيار المعرفة ويقيس مدى توسع وعمق استخدام المهارات (2). وتفتقد الخبرات اليمنية في الغالب الخبرة التي بالإمكان اكتسابها بالاحتكاك مع الخبرات الأجنبية أو الابتعاث إلى الخارج، التي من خلالها قد تتوفر للعامل اليمني الخبرات والمهارات التي يحتاجها في عمله، وفي الغالب هذه الخبرات المحلية تهاجر.
هل الخبرات الأجنبية شر لابد منه أم أن لها العديد من الفوائد؟
بالإضافة إلى كون الخبير الأجنبي غالبا صاحب الكفاءة هنالك عدة فوائد نحصل عليها ، مثلاً:
– يقوم العامل الأجنبي بتطوير وتدريب عدد من الخبرات اليمنية في ذات المجال، مما يساهم في رفع كفاءة وفعالية الخبرات اليمنية، وكذلك تكسبهم مهارت أخرى بعيدة عن مجال العمل مثل لغات جديدة ومعرفة ثقافات أخرى.
– كذلك تواجد الخبرات الأجنبية يخلق نوع من التنافس لدى الخبرات اليمنية مما يحفزهم لتطوير مهاراتهم وخلق فرص جديدة لهم، والذي يعود في فائدة الخبرات اليمنية نوعا ما.
– وفي بعض الحالات قد يرفض المواطنون العمل في مجالات معينة لأسباب معينة “ثقافية دينية” بعكس العمال الأجانب الذين لامانع لديهم من العمل فيها.
من الأمثلة الناجحة لمدى الاستفادة من الخبرات الأجنبية دراسة قام بها عدد من الباحثين لدى مركز دراسات الاقتصاد والإدارة (CEBR) في المملكة المتحدة حيث قاموا بدارسة تأثير الخبرات الأجنبية في زيادة الإنتاجية لشركة معينة، وتلخصت الدراسة في أن متوسط مستوى الأجور في الشركة يزيد بشكل ملحوظ بنسبة 2.4 في المائة في السنة الثالثة بعد توظيف خبير أجنبي، ويتم أخذ هذا المؤشر كدليل على زيادة الإنتاجية حيث أن الخبرات الأجنبية ترفع من إنتاج العمال المحليين بتعليمهم مهارات جديدة (3) .
ماذا لو أعطينا الأولوية لأبناء البلد بدلاً من الكفاءة في العمل والخبرة؟
سنستمر في نفس الدائرة دون تطوير للخبرات المحلية، وغالباً سنحتاج إلى خبرات إضافية عند ظهور مشاكل معينة يصعب على الخبرات المحلية حلها مما يعني زيادة في التكاليف.
هل نعاني حقاً من عقدة الأجنبي؟
دائماً ما يتوارد إلى الذهن عند التحدث عن الخبرات الأجنبية أنها تقلل من الفرص لليمنين، وأننا ما زلنا نعاني من “عقدة الأجنبي”. لكنها في الحقيقة شماعة نستخدمها لتبرير الفشل وعدم اهتمامنا بتطوير المهارات والقدرات الخاصة التي ترفع من خبراتنا المحلية. لذلك علينا فقط أن نحكم بناءً على الكفاءة والتي في الغالب تكون متوفرة لدى الخبرات الأجنبية.
هل يبقى الأجنبي الاختيار الدائم؟
يجب التأكيد على أنه لا بد من الاستفادة قدر الإمكان من الخبرات وذلك بوضع برامج وورش تدريبية مصاحبة لاستقدام الخبرات وذلك للاستفادة منها قدر الإمكان في تدريب الخبرات المحلية والبدء في تطوير البرامج التعليمية النظرية، التقنية والمهنية. حيث أننا لا نسعى إلى أن تكون الخبرات الأجنبية دوماً هي المناسبة للوظائف، بل يجب أن نحرص على تنمية وتطوير المهارات العملية للخبرات اليمنية والأيادي العاملة.
المراجع :
(1) World Economic Forum, The Global Competitiveness Report 2017–2018, Quality of education.
(2) World Economic Forum, The Global Human Capital Report 2017.
(3) NORFACE MIGRATION Discussion Paper No. 2011-14, Do Foreign Experts Increase the Productivity of Domestic Firms?
Leave a Reply
Want to join the discussion?Feel free to contribute!